عــرس في المدينة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

– :
ما أن يرى البوكمالي شريكة العمر على مورد للماء تتهادى إلى حافة النهر ، أو في عرس من أعراس المدينة ، أو في تجمع للفتيات يخرجن من السهر على صناعة ( الشعيريه ) في الماضي ، حتى يكلم أهله ، فترسل الوجاهة لخطبة الفتاة يقودها وجيه من وجهاء المدينة فيستقبلهم أهل الفتاة بالترحاب ، وبعد كلمات الود والمجاملة يقوم هذا الوجيه بطلب يد الفتاة لفلان الفتى ووالده الذي يود المصاهرة ، وحالما يتم الإيجاب والقبول تقرأ الفاتحة ، ويوزع التمر والحلوى والفاكهة ، وينصرف الجمع بانتظار المراسيم التالية :
والخطوة الثانية هي ذهاب أهل الخاطب بقطعة من الذهب ومجموعة من الألبسة وقطع القماش لتقديمها للعروس ، وهو مايسمى بالحطوط ، وبعد فترة قد تطول وتقصر يحدد موعد لعقد القران يقوم بمراسيمه القاضي الشرعي أو من ينوب عنه ، وتقام وليمة كبرى للنساء والرجال ، وعندها ينصرف الزوار والمدعون يدخل العروس على عروسه وهي في جمهرة من صويحباتها ، ليضع في يدها أسورة من الذهب ، ويتأنى في ذلك لتزغرد النساء ، ويهزجن الأهازيج الجميلة أذكر منها :
]حـدر على الخياط يفصــل بدلتـه 0000 وزبيد والعربان كلهـــــــا بخدمته

شـعـلقوا للخيــل مــن تمــر عانه 0000 واليبغــض العريــس بحبس المهانه

ياصائدين الخشــف صيدوا بعجاله 0000 عيــون علــى ليلــى عيون الغزاله

[size=16]وبعد كل فاصل من الأهازيج تنطلق الزغاريد مدويه في أرجاء الحي كله ، وقبل العرس تبدأ أيام الحناء ، إذ تذهب النسوة بأدوات الزينة وبالحناء في طبق يرفع فوق الأكف والرؤوس في موكب حاشد تهزج فيه الأهازيج حتى الوصول إلى بيت العروسه 0
وأخيراً يوم الزفاف الذي يبدأ بخروج العريس متنكراً في أحسن ثيابه ، وعندما يراه أقرانه يضربونه ليهرب ، وفي أقرب بيت يجده يلتجأ إليه ، وهذه تسمى ( الحرده ) وفي هذا البيت يتجمهر الناس ويدعى الحلاق ليأتي بكرسي الحلاقة ، ويقوم بحلاقة شعره وسط الطلقات المدويه والأهازيج ، ويقوم رجل بتلقي الهدايا وإعلان أسماء المتبرعين بأعلى صوته ( شوباش لفلان ابن فلان على نام العريس ) ويقابل الإعلان باطلاق الرصاص في الهواء ، وبالزغاريد ، يطول زمن الحلاقه ويقصر حسب الحالة الاجتماعية للعريس ، وحسب رغبة جمهور المهنئين 0
وأخيراً تذهب النساء في أزفة المدينة بثياب العروسه قبل مغيب الشمس وعندما تستعد العروس وتتزين وتلبس العباءة البيضاء ، تقودها النساء مشياً على الأقدام إلى بيت زوجها وهن يهزجن ويزغردن ، وتكسر جره عندما تتخطى عتبة الدار مليئه بالعطر ، وعندما ينتصف الليل وتبدأ الدبكة ، يخرج العريس في تظاهرة من شباب الحي تحت قوس من السيوف وسعف النخيل ، وهم ينشدون أناشيد الرجال ، وقد يعودون للدبكه ، والدبكه العانيه مشهوره في حركاتها وإيقاعاتها ، وقد نسيها الجيل المعاصر ، ولم تعد ترى كل هذه التقاليد في الأعراس البوكماليه المعاصره 0
]ومن أهازيج العرس
يا هـرجة الشباب مـري وفــوتي 0000 صـديقك يمــرحب وعـدوك يموت
حطـي جـراب المسك بينك وبينه 0000 أصبــح جــراب المسك ينقط روايـح
عنــدي رمـانـه مـن ســوق حارس 0000 أخذوا بنات العـم صـدور المجالس
صـينيـة أبو أحمـد عشــره نقلـوها 0000 وزبيــد والعربــــان مـا خلصـــوها

ثانياً : أعراس الريف

تتميز أعراس الريف بالبهجه والفروسيه والعادات العربيه الأصيلة ، يتم طلب يد الفتاة بوجاهة من أهل الحي يقودهم كرام الناس ، فور الإيجاب والقبول يحدد المهر من الإبل والغنم ، مع فرس أصيلة وبندقية تقدم لإخوة العروس ، وفي صبح يوم الزفاف يجتمع الفرسان من كل حدب وصوب بعد أن ضمروا الخيول وزينوها للسباق والمطارده ، يندفع الجمع ليحيط بجمل العروس المزين بالسجاد والبسط والمعانق والأقمشة الملونة ، وتمتطي الجمل الزفافة التي تردف العروس خلفها على الجمل الذي يقوده رجل مسلح حكيم وخبير بطباع الإبل وعندما يصلون إلى حي العروسة يقابلهم فرسان أهلها ، وينتظر كل الناس فرغ النساء من إلباس العروس حلة عرسها واعتلائها ظهر الجمل ، عندها يندفع الجمل يحيط به الفرسان في عاصفة من الرصاص والزغاريد وحداء الرجال ، حتى يصل إلى سهل فسيح بين الحيين ، فيقف ساعة ليتسابق الفرسان في جمعين ، جمع لأهل العروسه وجمع لأهل العريس تفصل بينهما مسافة من الأرض تقي بغرض السباق ، فينطلق فارس من هؤلاء وفارس من هؤلاء ويسجل الفائز ، هكذا حتى يتسابق كل الفرسان ، وعندها يعود الجمل بفرسان أهله وسط الزغاريد والسامري الفراتي الجميل 0
ذهبت بتقاليد أعراسنا السيارات والعادات الدخيلة المعاصرة ، وأفسدت بهجة العرس الفراتي المغالاة في المهور ، والمظاهر الزائفه ، والأموال العائدة مغتربينا في الخليج 0

شعب ومدينة (على الفرات الأوسط )
اسعد الفارس