شروط وخدع طريفة... لاحتراف جني الكمأة
هاني آصف الشويخ
الثلاثاء 05 أيار 2009
إن رحلة جني الكمأة أو كما تسمى عند أهل الريف "حوش الكما" أو "قنص الكما" عند البدو، هي رحلة غاية في المتعة... ولمعرفة المزيد عن تفاصيل هذه الرحلة التقى eSyria الكماي المحترف "خضر الحسن" "أبو سامي" وهو من قرية "بقرص" من فخذ "البو عزام" من عشيرة "البوسرايا" لكي يحدثنا عن هذه الرحلات الطريفة...
**أمطار وأصناف...
يقول "أبوسامي" عن الصفة التي يجب أن يتسم بها المطر ليكون الإنتاج غزيرا: «بالنسبة لـ"الكمأة" أمطارها تكون من بداية أيلول حتى 15 تشرين الثاني وتسمى هذه الأمطار بالعامية "بمطر الثرِوي"، وهذه الأمطار إذا لم تهطل لن تنمو الكمأة مهما نزل بعدها، كذلك لابد من أمطار متتابعة بعد هطول "مطر الثروي" كل 10 إلى 15 يوماً على الأقل مما يؤدي إلى موسم كمأة جيد وفصل ربيع جيد».
أما الأصناف: «الكمأة نوعان "زبيدي أو شيوخ" ويكون لون قمة الثمرة أبيض كرأس الرجل الكبير أو كشيخ لابس عمامة بيضاء ولكن بياضها يشتد بالقمة، والنوع الثاني "الحركة"».
وأضاف: «تكثر "الكمأة" في "منطقة الشامية" ولها مناطق محددة ضمن "الشامية"، مثل محمية "الشولة"، وسميت كذلك لأنها القرية الوحيدة تقريباً في الشولة "البادية" وجميع سكانها من فخذ "البو عزام" من "عشيرة البوسرايا"، ويعتبر "البو عزام" من أكثر سكان "دير الزور" مهارة في جنيها..
إذ تعتبر أراضي المحميات أراضٍ مناسبة لنمو "الكمأة"، وذلك لأنها محمية من رعي الأغنام وبالتالي من دوس أقدامها، لأن دوس أقدام الأغنام يعتبر عاملاً في تعرية طبقة التربة التي تغطي ثمرة "الكمأة" والتي تشكل حماية لهذه الثمرة، فتسبب هذه التعرية عدم نمو "الكمأة"».
* كيف يستدلون على "الكمأة"؟؟
يتابع قائلا: «عندما يأخذ نبات "الكمأة" بالنمو، فإن الأرض التي تعلوه تتشقق قليلاً عنه، فيبدو وكأن ارتفاعاً بسيطاً في الأرض، مما يسمى بالعامية "تفقّع الأرض جما"، بالإضافة إلى هذا الارتفاع نستدل على "الكمأة" من خلال نبات "جريد الكما"....
وعموماً الكمأة تعيش في الأراضي غير "المديوسة" (غير المحركة بفعل أقدام الحيوانات أو عجلات الآليات) كذلك تكثر "الكمأة" في التربة المائلة للون الأحمر وتسمى بالعامية "الحرّي" ويستطيع "الكمّاي" سواء كان ماشياً أم راكباً آلية أن يتابع بالنظر الأماكن الخضراء في
 |
| جريد الكمأة |
البادية والتي تعتبر مؤشراً لوجود الكمأة أيضاً وذلك لأن وجود خضار يعني وجود ماء بهذا المكان دون غيره».
«وينطلق "الكمّاية" من مكان تجمعهم وكأنه مركز دائرة في جميع الجهات متتبعين مكان الخضرة (كل اثنين أو ثلاثة مع بعضهم)
وتعتبر منطقة الحدود العراقية السورية منطقة غزيرة المحصول من الكمأة (من جبل "سنجار" لمنطقة "التنف" كذلك "المحطة الثانية" أو الـ T2 ومناطق "البعاجات" و"دم لوق"، وكذلك مناطق "تومين" و"جبل البشري" و"الشولا" و"كباجب" (هناك مثلث بين البشري والشولا وكباجب تكثر فيه الكمأة) و"الشجيري" و"الهريبشة" (محمية أبو فياض) ومنطقة "الروضة" عند "البو كمال"».
* *وقت جني الكمأة...
«بعض "الكمّاية" يجني "الكمأة" مبكراً (كمأة شباط) مما يحول دون زيادة نموه وخصوصاً إذا كانت الأمطار قليلة نسبياً فتكون "الكمأة" صغيرة الحجم (سعر الكيلو غرام400 ل.س بالموسم الحالي) والثمرة الكبيرة الحجم تسمى "مبطخة" (أي ناضجة نسبة للبطيخ لما ينضج) وتكون أنكه وهذا غالباً من كمأة آذار».
وأضاف: «أفضل وقت يكون عادة في ساعات الصباح الباكر، أو قبل الغروب بساعة، وذلك لأن إضاءة الشمس لا تكون حادة، فالإضاءة الحادة تسبب إبهاراً بالرؤية مما يحول دون تمييز "تفقيع الكما" (أي بروزها عن الأرض) كذلك عندما يكون هناك غطاء غيمي ممكن أن يستمر البحث طوال ساعات النهار، وذلك لأن الإضاءة لا تكون مبهرة و"الجماي" أو "الكماي" المحترف لا يواتيه الصبر للمكوث إذ أنه يستغل كل دقيقة في البحث عن "الكمأة"».
*علامات تدل عليها....؟
«عموماً عندما تعثر على ثمرة "كمأة" فإن هذا مؤشر وجود مجموعة ثمار أخرى قريبة منه من 10 إلى 15 سنتيمتر بين كل ثمرة وأخرى وتسمى هذه المجوعة "بسمار الكما" (أي وكأنها مسمار يثبّت وجود الكمأة بالأرض، كما يثبت المسمار العادي الخشب)، وعادة تكون ثمار "البسمار" من نفس الصنف (إما شيوخ أو
 |
| الكماي أمين نايف العيادة. |
حركَة) ونادراً تكون مختلطة من الصنفين، ولوحظ أن التربة المائلة للأحمر والتي تكون رملية نوعاً ما، يكثر فيها صنف الحركَة، أما "الجبّان" (وهي تسمية عامية للتربة البيضاء الكلسية) يكثر فيها "الزبيدي أو الشيوخ"، ونادراً ما يحدث العكس، بأن تشاهد ثمرة "حركَة" بأرض بيضاء، ولكنها تكون شديدة السواد، وتكون مفردة، أو ممكن أن تشاهد ثمرة شيوخ بمنطقة الحركَة».
* أدوات الجني...
وعنها قال: «الأداة هي "المنبازة" وهي عبارة عن قضيب معدني مزود بممسكة في إحدى نهايتيه، وفي نهايته الأخرى قد طرق قليلاً ليناسب عملية قلع ثمرة الكمأة من الأرض».
*متعة الرحلة وطرائفها...
«إن مجرد البحث عن هذه الثمرة اللذيذة وما يرافق ذلك من عناء له متعة فائقة، كذلك وبعد قطع مسافات كبيرة في البحث يركن الكمّاية للاستراحة وشرب "شاي الحطب" وتناوله مع "خبز التنور"
أو "خبز الصاج"، كذلك قد نمر ببعض "الغنّامة" (مربي الاغنام) أو "رعاة الإبل"، نستريح عندهم في "بيوت الشَعَر"، وممكن أن نلتقي بعض السياح العرب (رحلات للصيد ضمن البادية السورية).
ويرافق عمليات البحث غناء "للمولية الديرية" أو غناء أبيات من "الهجيني" (لون من ألوان الغناء تشتهر به المنطقة) مثل:
جماي و ماني كماي__درب الكــــما اندليتو
و الله هواي عــــذّب__كــــل العمر داريتو
كذلك ينشد البعض عندما يعثر على كمية من ثمرة "الحركَة":
«حركة وأبوها زبيدي»
كنوع من الدعابة والتفاخر ببراعة الجني عمن حوله من "الكمّاية".
وهناك خدعة طريفة يقوم بها الكمّاية عندما تكسر إحدى الثمار أثناء الجني لقسمين، فإنه يضع عوداً صغيراً داخل الثمرة المكسورة للربط بين النصفين، ثم يضع تراباً على أثر الكسر، وذلك لأن سعر الثمرة ينخفض للنصف بسبب كسرها فيما لو بقيت مكسورة.
ومن الطريف أيضاً ما يواجه الكماي من صعوبات تتعلق بالعوامل الجوية من عواصف رعدية، مطرية أو
"العجاج" (عواصف غبارية)، أو ما يواجهه من مصاعب أخرى كنفاد السيارة من الوقود، وهنا تكمن لذة الرحلة.
ويعرف "الكمّاية" طريقهم من خلال الريح أو من خلال النباتات مثل "الشيح" أو "الكيصوم" أو "الروثة" (هذه نباتات لا تنبت إلا ببادية الشام) أما "الجزيرة الفراتية" فأرضها غالباً قاسية تمتاز بوجود مرتفعات أو هضاب أو وجود السكة الحديدية أو المعالم "الصخور البركانية».
موضوع: لواقيط الكمأ بالدير 
الجمعة ديسمبر 18 2009, 05:17
