صيد الحجل في سد الوعر

عاد ابو طاهر وكمال.....

كنت في مشوار صغير على مقربة من المخيم....

رأيت وردة زرقاء جميلة...انها لنوع اخر من الضبحّ...

وهو نبات ربيعي ذو وردة زهرية معروفة وله بصيلات واوراق والجزء

الحلو منه يكون داخل الارض فهو كالبطاطا الصغيرة.

له غلاف اسود اللون يحوي داخله ثمرة بيضاء ناصعة..

لذيذة الطعم تشبه الجزر...

ويبدو ان الضبح في هذه المنطقة يحمل لون ازرق جميل..

يختلف عن الضبح الموجود بقرب بادية البوكمال.

نظرت ايضا الى اشجار الكعّوب بأشواكها البنفسجية...

والشيح ذو الرائحة الزكية..واليتنة والصرّ والكبر...

وهناك مجموعة هائلة من الاعشاب البرية والنباتات التي تتطلب خبرة اهل البادية

لمعرفة اسماءها وفوائدها....

انتبهت فجأة بين الصخور فرأيت جلد ثعبان هائل الحجم...

ظننت انه ثعبان حيّ...فجهّزت نفسي للهرب...

وعندما وجدته جلد قد انسلخ حديثا هدّأت من روعي قليلا...

ولكنني بكل الاحوال غادرت المكان لأن الثعبان على كا يبدو انه قريب.

رجعت للمخيم وحكيت للشباب عن مشاهداتي فقال ابو طاهر - حكيم الرحلة - :

عليكم ابعاد قشور البيض والبيض وبقايا الاطعمة لأن الحشرات والعرابيد

تشم رائحتها وقد يصيبنا الاذى....

فنحن في منطقة خطرة وقد نصادف مفاجأات كثيرة.

ذهب ابو طاهر لجمع بعض العيدان...فهو كما يزعم قد رأى مجموعة

كبيرة من البلابل العراقية الصفراء المهاجرة وتسمى((بلابل سعدي )).

ويريد ابو طاهر صنع مفاقيس لصيدها...

وبينما جلس لبدء صناعة اول مفقاس كان يدندن بأغنية كردية تراثية جميلة...

فالاكراد ايضا لهم تراث عريق .....

واكثر اغانيهم تتكلم عن الحب وبطولة سكان الجبال وملاحمهم...

كانت شخصية مريم وخدّوج ومريمكي وعبدو كم صلب اغانيهم..

لم نكن نحفظ الترجمة الكاملة لبعض المفردات..ولكن لحن الاغنية يطربنا....

قال ابو طاهر:

امان لمان امان امان امان.....

مريم مريمكي

مزيونة بنت خالي

لو ما بدّو ابوكي..

والله بشنق حالي

عم تحكي فطوم

لك شو بدنا منها

لا هيّ ولا خدّوج

كلهم غارو منها

جبت لك خاتم دهب

من دهب تركيا

مريم بدي اهديكي

احلى سيارة كيّا

بدي بوسة منك

يا احلى كردية

امان امان امان امان امان....

واستمر ابو طاهر يجيب من الشمال ويحط عاليمين وهو منهمك في صناعة المفقاس.

عند الانتهاء ...قال لي:

- شلوني معاك؟؟؟عمرك شفت احلى من هيك مفقاس؟؟؟

قلت والله منت هيّن يا ابو جرّاوية....

( الجرّاوية هي لفّة معينة للاكراد يتم لفها بشكل مميز للاكراد )..

فضحك وظهرت اسنانه المفقودة بل المعدومة من اكثر من عشر سنوات.

ولم يبقى في فمه الا اثار واطلال واماكن تدل على وجودها ذات يوم سابق.

قال عبد الرحمن:

- ايش رايكم اليوم نكون في راحة وعطلة الى ساعة متأخرة من الليل...

ونذهب للصيد بعد الثانية ليلا؟؟؟

قلنا: - ماشي الحال....

كانت الصخور المحيطة بالمخيم بيضاء ناصعة وقد حفرت فيها المياه

تجاويف مختلفة الاحجام..

فاصبحت كخزانات المياه النظيفة...

منها ما يتسع لبرميل..وعشرة..واحيانا بسعة تنكة....

ولكنها جميعا مملوءة بمياه الامطار الصافية جدا..

خصصنا بعضها للشرب...

والبعض للغسيل...

والبعض للاستحما م...

استخدمنا بعضها..وتركنا الباقي...

حمل محمد الرجب الجفت وذهبنا في الوادي المتعرّج للتسلية...

وما ان ابتعدنا قليلا حتى لاح لنا سرب من القطا يحطّ قريبا...

الله الله ما اجمل رؤية القطا...

ما اروع صوته الشادي....

انفرد محمد لملاحقته حيث مكان هبوطه...

بينما تبعناه بهدوء حتى لا ينفر القطا منا ويطير...

لقد وصل محمد الى اقرب نقطة من القطا...ثم اطلق النار في لحظة الطيران

فتساقطت بعض الطيور حيث ركضنا للامساك بها....

كان هناك ثمانية طيور بينما استطاعت التاسعة من الفرار..

يبدو ان جرحها لم يكن قاتلا...

ثم عدنا ادراجنا نحو الخيمة....

فقد اصبح لدينا ما يصلح للشوي عند غروب الشمس...

الى الحلقة النالية

» صيد الحجل في سد الوعر
» صيد الحجل في سد الوعر